الخميس، 12 يونيو 2008

الغربة


في يوم عادي جدا , وفي حياة متكررة معتاده حياة انسان ٍ تغرب عن بلده فهو في حال شوق للعوده إلى الاوطان
وطني لإن شغلت بالخلد عنه *** نازعتني اليه بالخلد نفسي

دخلت مكتبتي أتجول بين أرففها أفرج في كتبها أتأمل هذا وأفحص هذا حتى وصلت ركن الأدب فوقعت عيني على ذلك الكتاب في زاوية المكتبة البعيد عن باقي الكتب فلاحظت فيه صفات الغريب ألا وهي صفاتي فعلمت ان مافي حاله حالي
فقلت لنفسي :
غريب يواسي غريب نئى ***يفرج هما ويحكي المنى
فذهبت إليه وإذا به(( أخبار الغرباء)) فتناولته وتجاذبت أطراف الحديث معه وإذا به يجود بالحكمة والمتعه
فقال : كنا نسمعُ أهلَ العلمِ يقولون: فَقْدُ الأحبّة في الأوطان غُرْبة، فكيف إذا اجتمعت الغربةُ وفَقْدُ الأحبّة.
تذكرت احبتي في بلادي فعرف ذلك في وجهي
فقال :

رحل الأحبّةُ بعد طولِ توجُّعٍ ***ونأى المزارُ فأسلموكَ وأوجعوا
تركوكَ أوحشَ ما يكون بقَفْرةٍ*** لم يؤنسوكَ، وكربةً لم يدفعوا

فقلت له : إن لي أحبة وإخوة كلما فارقتهم زاد شوقي لهم وأيقنت اني لا ولن اجد مثلهم في هذا الزمان وأنهم عملة نادرة
فقال :
سقى اللـه أيّامَ التواصلِ غَيْثَهُ ***وردَّ إلى الأوطان كُلَّ غريبِ
فلا خيرَ في دُنيا بغيرِ تواصلٍ*** ولا خيرَ في عَيْشٍ بغيرِ حبيبِ

فأطرقت أفكر .. فقال لي إنك تحمل في طيات غربتك ماحملته من قبلك فحدثني!!
فقلت : لقد علمتني الحياة في الغربة أن الناس لاتفكر في صحبتك في بادئ الامر إلا لمصالحها ... وبعد ذلك تظهر المعادن ويبدو الكريم كريما ً, ويبقى الخسيس خسيسا ً فقد تعرفت هنا على انواع كثيرة منها من صاحبني وأظهر مودته لي ويبذل قصار جهده لإرضائي وذلك كله لاني صاحب خبرة معينه في مجال معين مثل الدراسه فيريد حاجته مني وبعد ذلك يمضي حتى بدون سلام ولا وداع ...

وكذلك منهم من في البداية يسعى الى مصلحته ولكن يظهر المعدن النفيس في طياته أنه يرد الجميل لأهله ولاينسى ذوي الفضل عليه وفي ذلك يخطر لي قول الامام الشافعي :
الحر من راعى وداد لحظه
وقول النبي عليه الصلاة والسلام(( من صنع إليكم معروفاً فكافئوه))

وتعلمت ان الغريب في غربته يعايش الناس فهو سريع بالحكم عليهم وتتضح له المعان بسرعه فهو يتجول بينها ويختار أطيبها وأجودها كأنه في سوق ليع الرجال فإذا ما وجد الرجل الوفي الكريم النفيس فيعلم أنه وجد كنزا فليعض عليه بالنواجذ لأنه لن يجد مثله لأنه اختبره وامتحنه في الغربة ألا يكفيك في ذلك قول الفاروق أمير المؤمنين ... عندما سأل عن احد الرجال فقال احدهم انا أعرفه
فقال له أمير المؤمين أسافرت معه ؟؟
فنتبين هنا أن المعرفه الحقيقية تكمن في السفر وسمي السفر سفرا ً لانه يسفر عن معادن الرجال .

و من انواع الناس أيضا البخيل الساعي وراء المال وهذا ما تعلمته في هذه الدولة خصوصا لأنها دولة فقيرة وانا والحمد لله في نعمة وسعه ومن دولة مشهوره بالخير والحمد لله فترى هؤلاء المحتالين يحيطون بك من كل جانب كل يود خدمتك ولو بالدعاء لك .. ليس لك بل لمالك فرأيت منهم العجب العجيب وكل أمر ٍ غريب , منهم من يذل نفسه ولو استطاع لجعل من نفسه مطية تمتطيها وتركبها كل هذا مقابل شيء لا يذكر من القروش .

ولقد علمتني الحياة أنها تردت وأصبحت كالغابة لا يعيش فيها إلا القوي ويهان فيها الضعيف ... هذه ليست نظره تشاؤميه ولكن نعم هكذا تعيش المجتمعات التي لاتعرف من الإسلام إلا الشعارات

ولقد علمتني الحياة أن الغربة تصنع الرجال وتريهم ألوان الحياة وأشكال الزمان فتراه يحتاج الى ما لم يعتاد ويعرف أنه في هذا المكان ليس له إلا ربه سبحانه جل في علاه وهو نفسه فلا يعتمد في امور حياته غلا على نفسه وبذلك يمتاز على من تربا وعاش في دلال اوطانه وفي احظان اهله
نعم فقد
قال الشافعي :
تغرب عن الأوطان في طلب العلى*** وسافر، ففي الأسفار خمس فوائد
تفرج هم ، واكتساب معيشة*** علم وآداب وصحبة ماجد


فقاطع حديثي المنهمر كسيل من أعالي الجبال

فقال :

يا معشرَ الغُرباءِ رَدّكُمُ ***
ولقيتُمُ الأخبارَ عن قُرْبِ
قلبي عليكم مُشْفِقٌ وَجِلٌ*** فشفا الإلـهُ بحِفْظِكم قلبي
إنّي كتبتُ لكيْ أساعدكمْ*** فإذا قرأتم فاعرفوا كتبي


فرأى اطراقي فعرف ما حالي
وقال :


حتَّى متى أنا في حِلٍّ وتَرْحالِ*** وطولِ سَعْيٍ وإدبارٍ وإقبالِ
ونازح الدارِ لا أنفكُّ مُغْترباً ***عن الأحبّةِ لا يدرونَ ما حالي


فجبر الله كسر قلب كل غريب برأيت أمه وأهله صحبه وأعاده الصحة والعافية
سلام .